جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
شفاء العليل شرح منار السبيل
201826 مشاهدة
نقض الشعر للغسل من الحيض والنفاس

قوله: [ويجب نقضه في الحيض والنفاس] لقوله -صلى الله عليه وسلم- لعائشة انقضي شعرك واغتسلي رواه ابن ماجه بإسناد صحيح . وأكثر العلماء على الاستحباب؛ لأن في بعض ألفاظ حديث أم سلمة أفأنقضه للحيضة؟ قال: لا رواه مسلم وحديث عائشة ليس فيه حجة للوجوب؛ لأنه ليس في غسل الحيض إنما هو في حال الحيض للإحرام، ولو ثبت الأمر بنقضه لحمل على الاستحباب، جمعا بين الحديثين، قاله في الشرح .
[لا الجنابة] لقول أم سلمة قلت: يا رسول الله إني امرأة أشد ضفر رأسي، أفأنقضه لغسل الجنابة؟ فقال: لا إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات، ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين رواه مسلم .


الشرح: بعد أن ذكر أهمية غسل البشرة، ومنها ما تحت الشعر؛ لأن تحت كل شعرة جنابة، كان من تمام الغسل والتنقية نقض الشعر إذا كان مضفورا حتى يتحقق من وصول الماء إلى باطن الشعر، وما تحته من البشرة، وحيث أن الحيض والنفاس لا يتكرر، وإنما يقع غالبا كل شهر، أو كل سنة، أو أكثر في الناس، استحب نقض الشعر للغسل من الحيض والنفاس، ولأن الغالب أن بعد مدة الحيض التي هي سبعة أيام أو نحوها يحتاج إلى نقضه، وتنظيف ما بداخله، وتجديد ضفره، حيث أن المرأة غالبا تجدد مشط رأسها وضفره كل أسبوع، فكان نقضه لغسل الحيض متأكدا، ويؤيده قوله -صلى الله عليه وسلم- لعائشة لما حاضت وهي محرمة بالعمرة انقضى رأسك، وامتشطي، وأهلي بالحج وفي لفظ انتقضي شعرك واغتسلي .
فأما رواية مسلم لحديث أم سلمة بلفظ أفأنقضه لغسل الجنابة والحيضة فإن ذكر الحيضة شاذ، حيث لم يذكرها الرواة، سوى عبد الرزاق في غير مصنفة.
فأما عدم نقضه للجنابة فلا خلاف فيه كما في حديث أم سلمة الذي ذكره الشارح، ولأن الجنابة تتكرر، فيشق نقضه لكل اغتسال، فيكتفى بصب الماء عليه ثلاثا مع الدلك، والمبالغة في الغسل، حتى يتحقق وصول الماء إلى البشرة.